الابتكار في إدارة العناصر البشرية بقلم احمد رزق أبو النصر
لا شك أن الابتكار أصبح عنصرًا رئيسيًا في تطور وتقدّم كل من المؤسسات والأفراد، وأصبح من الضروري تطبيق النظريات الابتكارية في إدارة أي مؤسسة، سواء كانت صغيرة أو كبيرة.
ومن واقع الخبرة العملية، فإن من أهم العمليات الإدارية التي تحتاج إلى الابتكار هي إدارة العنصر البشري.
ومما لا شك فيه أن العناصر البشرية هي النواة الحقيقية والمحرك الأساسي لأي مؤسسة، والحفاظ على هذه العناصر وتطويرها هو الغاية الأهم لأي كيان. ومن أجل تطبيق ذلك، نرى أن ابتكار طرق تحفيزية جديدة مبنية على فهم الطبيعة البشرية وسيكولوجية التفكير الإنساني، أصبح من أهم التحديات التي ينبغي السعي وراءها بكل الوسائل.
وفيما يلي نستعرض بعض الأفكار الابتكارية التي يمكن أن تُساهم بشكل كبير في زيادة ولاء العنصر البشري وتحسين آليات التعامل معه داخل وخارج بيئة العمل:
- المساهمة في اتخاذ القرارات
- الأمان الوظيفي والمعرفي
- دوائر التغيير
- الذكاء الإنساني
- القاعدة الرباعية للثبات الوظيفي
المساهمة في اتخاذ القرارات:
تُعد المساهمة في اتخاذ القرارات فرصة حقيقية من القيادة لتأصيل مبدأ المشاركة والتعاون بين كافة أعضاء فريق العمل داخل المؤسسة. كما يؤدي هذا التعاون إلى تقبّل أفراد الفريق للقرارات الصادرة من الإدارة العليا، نتيجة معرفتهم بأبعادها. وتمثل المشاركة في اتخاذ القرار عاملًا حاسمًا في رفع كفاءة العمل وتعزيز الانتماء المؤسسي. حين يُمنح الأفراد فرصة للإدلاء بآرائهم، يشعرون بقيمة مساهمتهم ويتحمّلون مسؤولية النتائج. كما تؤدي المشاركة الفعالة إلى تحسين جودة القرارات بفضل تنوّع وجهات النظر، وتُعدّ مؤشرًا على نضج القيادة وتقديرها لرأس المال البشري.
الأمان الوظيفي والمعرفي:
الموظف كائن بشري، والشعور الإنساني هو المحرك الأساسي له في كل قراراته، سواء الوظيفية أو الحياتية. وعندما يجد الموظف الأمان الوظيفي في بيئة عمله، يشعر بأنه متجذر في المؤسسة، ويتعامل معها كبيته الكبير الذي يلعب دورًا فعّالًا في استقراره.
يُعد الأمان الوظيفي عنصرًا أساسيًا في بناء بيئة عمل مستقرة تشجع على النمو والاستدامة. ويتعزز هذا الأمان من خلال التمكين المعرفي المستمر، الذي يُزوّد الأفراد بالمهارات اللازمة لمواجهة التغيّرات. الربط بين الاستقرار الوظيفي والتطور المهني يخلق طمأنينة تدفع نحو الأداء العالي، ويُسهم في تقليل معدلات دوران الموظفين وزيادة الولاء المؤسسي. أما الأمان المعرفي، فهو ببساطة اهتمام المؤسسة بالتطوير المستمر للموظف، مما يشعره بأن المؤسسة تهتم به وتسعى إلى نموه. وعلى عكس بعض المؤسسات التي تنظر لتطوير الموظف كفرصة لمغادرته، فإن الدمج بين الأمان المعرفي والوظيفي يخلق موظفًا ثابت القيم ومنتميًا لمؤسسته.
دوائر التغيير:
لكل عملية تغيير استراتيجية تُسمّى "إدارة التغيير"، ولتحقيق هذه الاستراتيجية لا بد من وجود إرادة حقيقية للتغيير، تساعد في تقليل المقاومة من جميع الأطراف.
تشير دوائر التغيير إلى المراحل المتعاقبة التي تمر بها المؤسسات أو الأفراد عند مواجهة التحول أو التطوير. تبدأ برفض التغيير، ثم تنتقل إلى التقبّل التدريجي، يليها التكيّف الفعلي، وتنتهي بالتمكين والتحكّم. فهم هذه الدوائر يُمكّن القادة من إدارة مقاومة التغيير بفعالية، كما يُساعد الأفراد على التعامل بوعي ومرونة مع التحديات. وجود إطار منظم للتغيير يُسهّل التحديث ويقلّل من الفوضى.
الذكاء الإنساني:
كل كلمة تصدر من مسؤول في المؤسسة لها أثر على المتلقي، سواء كان إيجابيًا أو سلبيًا. واختيار الطريقة المناسبة لإيصال الفكرة أو المعلومة إلى أعضاء الفريق، يُعد من أهم المهارات التي يجب أن يتمتع بها من يدير فرق العمل.
الذكاء الإنساني لا يقتصر على المهارات العقلية، بل يشمل الجوانب العاطفية والاجتماعية أيضًا. فهو يُمكّن الأفراد من فهم المواقف، واستيعاب الآخرين، والتصرف بحكمة وتعاطف. هذا النوع من الذكاء ضروري في بيئات العمل التشاركية والقيادية، ويعزز القدرة على اتخاذ قرارات أخلاقية والتواصل الفعّال. الاستثمار في تطوير الذكاء الإنساني يؤدي إلى بناء علاقات قوية وتحقيق نتائج مؤثرة ومستدامة.
القاعدة الرباعية للثبات الوظيفي:
تعتمد القاعدة الرباعية للثبات الوظيفي على أربعة أركان رئيسية: الكفاءة، المرونة، التعلّم المستمر، والاتصال الفعّال.
تحقق الكفاءة الأداء المطلوب، بينما تتيح المرونة التكيّف مع التغييرات. التعلّم المستمر يضمن التجدد المهني ومواكبة التطورات، في حين أن الاتصال الفعّال يُعزز وضوح الأدوار والتفاهم داخل بيئة العمل. التوازن بين هذه العناصر الأربعة هو ما يضمن الاستقرار المهني للفرد، ويدعم استدامة المؤسسة على المدى البعيد.
وفي الختام، فإن الاحتفاظ بالموظف يتطلب عقلية ابتكارية،
إذ أن المتغيرات كثيرة وسريعة، وتحتاج إلى تفكير غير تقليدي للحفاظ على رأس المال البشري، المحرك الرئيسي لأي مؤسسة ناجحة.
أحمد رزق أبو النصر
الرئيس التنفيذي لتحالف الشرق الأوسط للابتكار والاستشارات